الصبر فضيلة يحتاج إليها المسلم في دينه ودنياه، وهو الذي يشعُّ للمسلم النور العاصم من التخبُّط، والهداية الواقية من القنوط، ويعتمد الصبر علي حقيقتين ، أولاهما تتعلَّق بطبيعة الحياة الدنيا، فهي دار امتحان وتمحيص، وليست بدار جزاء. والحقيقة الأخرى تتعلَّق بطبيعة الإيمان، قال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: 2، 3].
والصبر من معالم العظمة وإشارات الكمال، ومن دلائل هيمنة النفس على ما حولها، كما أنه من عناصر الرجولة الناضجة والبطولة الفارعة، ومن ثَمَّ كان نصيب القادة من العناء والبلاء مكافِئًا لما أُوتُوا من مواهب، ولِمَا أدّوا من أعمال، فاختلاف أنصبة الناس من الجهد والتبعة والهموم الكبيرة يعود إلى طاقاتهم في التحمُّل والثبات.
وللصبر أنواع منها ، صبر على الطاعة، وصبر على المعصية، وصبر على النوازل. فالصبر على الطاعات أساسه أن أركان الإسلام اللازمة تحتاج في القيام بها والمداومة عليها إلى تحمُّل ومعاناة، قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}[طه: 132]،ا الصبر على المعاصي فهو عنصر المقاومة للمُغَوَّيات، التي بُثَّتْ في طريق الناس.
والصبر على ما يُصيب المؤمن في نفسه، أو ماله، أو منزلته، أو أهله، وتلك كلها أعراض متوقَّعة، هيهات أن تخلو الحياة منها! غير أن على المسلم أن يحتمي بالله ويلجأ إليه؛ حتى لا يزيغ يقينه، ولا يضعف دينه، مع دوام التذكُّر أن كلَّ ما لدى الإنسان إنما هو مِلك لله، يستردُّه متى شاء؛ فرباطه به أوثق، وحقُّه فيه أسبق، وعلى الإنسان الصبر والاحتساب.